لقد عرفت ظاهرة السفر منذ القدم بوصفها ظاهرة طبيعية تحتم على الانسان الانتقال من مكان لآخر لاسباب متعددة.وكانت ظاهرة السفر في فجر التاريخ بسيطة وبدائية في مظاهرها واسبابها واهدافها ووسائلها. ثم تطورت هذه الظاهرة البسيطة حتى اصبحت في هذا العصر تشكل علما يدرس ، ونشاطا له أسسه ومبادئه وقواعده وتاثيراته المباشرة وغير المباشرة على مختلف شؤون الحياة . لذلك انبرى علماء السياحة والمعنيون بشؤونها الى ضرورة متابعة وبحث تاريخ ظاهرة السفر والسياحة ،وتطورها في المراحل التاريخية المختلفة لكي يمكنهم من حصر اسبابها واهدافها وفوائدها ونتائجها بهدف خدمة الفرد والمجتمع .
طالع ايضا انواع السياحة و السفر
المراحل التاريخية لتطور ظاهرة السفر والسياحة
ان أية ظاهرة توضع للدراسة والبحث ، لابد من الرجوع الى جذورها التاريخية لتعرف على كيفية تكوينها ونشأتها وتطورها . وظاهرة السفر والسياحة تعد ظاهرة انسانية لكي نفهمها من جميع جوانبها المختلفة ، ينبغي علينا ان نستعرض ولو بشكل موجز المراحل والحقب التاريخية التي مرت بها ، وكما يأتي :1-السفر في العصور البدائية الاولى
يقصد بالمراحل البدائية عصور ماقبل التاريخ، أي المرحلة التي عاش فيها الانسان قبل ان يعرف الكتابة والتدوين والتي سميت بالعصور الحجرية. ويمكن حصر هذه المرحلة منذ نشأة الخليقة حتى الالف الخامس قبل الميلاد، أي حتى بزوغ فجر الحضارات، حضارة وادي الرافدين في العراق والحضارة الفرعونية في مصر ومن أبرز سمات هذه المرحلة :- لاوجود للحكومات
- لاوجود للدول والويلات
-لاوجود للجيوش
- لاوجود للقوانين والأنظمة
ـ لاوجود للعلوم
- لاوجود لوسائل النقل
- لاوجود للنقود
- لاوجود للمعاملات التجارية (البيع والشراء )
- لاوجود للمكية الفردية
- عدم تكامل الوازع الديني
هكذا اذن كان الانسان آنذاك يعيش حياة بدائية مشاعة . اما بالنسبة لظاهرة التنقل والسفر ، فقد كانت موجودة في هذه المرحلة ، فحب الانتقال عند الانسان طبيعة كامنة في ذاته . وقد دعت الحاجة الانسان الى الانتقال منذ فجر التاريخ ، وكان الانتقال في هذه المرحلة جزءاً لايتجزء من الحياة،وضرورة تحتمها طبيعة المجتمع.
وبالوقت الذي لم تكن هناك محددات وضعية تعيق حركة تنقل الانسان لم تكن هناك تسهيلات وضعية تهيء الظروف المناسبة لتشجيع الانسان على التنقل . وعملية التنقل كانت محدودة بالقوانين الطبيعية فقط ، وكان الانسان ينتقل على سجيته لاتحدده حـدود او تعوقه قيود ، وليس في حيازته من وسائل السفر سوى قوته الجسمانية أو دابته، غيرمقيد بوقت ولايعوقه جنس أو عرق أو دين أو دولة ، ولم يكن السفر يخضع لاي تنظيـم أو قانون أو دراسة سوى قانون الطبيعة .
ويمكن الإشارة إلى أهم دوافع التنقل في هذه المرحلة بما يأتي :
- سعياً وراء الماء والعشب سواء للانسان أو لدابته أو لاغنامه
- الانتقال من المكان القاحل إلى المكان الخصب
- هرباً من الوحوش واحيوانات المفترسة
- سعياً وراء الصيد
- لاستكشاف الأراضي المحيطة به
كان من أهم مميزات التنقل في هذه المرحلة :
- لم تكن هناك وسائل نقل سوى السير على الاقدام أو الاستعانة بالدابة ، وكان الإنسان يستعين بجذوع الاشجاروالنخيل في عبور الانهار .- لم تكن هناك طرق سالكة أو معبدة
- عدم توافر عنصر الامان في عملية التنقل
- لم يكن عامل الوقت يدخل في حسابات السفر
- لا وجود لقيود وضعية أمام السفر
- لا وجود لعمليات تسهيلات وضعية لعملية السفر
2 .السفر في العصور القديمة
تبدأ هذه المرحلة مع بداية نشأة حضارة وادي الرافدين بالالف الخامس قبل الميلاد وتنتهي بسقوط الامبراطورية الرومانية في نهاية القرن الرابع وعلى وجه الخصوص عام 593 م وقد شهد العالم تطوراً ملحوظاً في هذه المرحلة ومن سمات هذه المرحلة :ظهور الحكومات ظهور الدويلات والدول والإمبراطوريات ومن أهمها الدول التي نشأت في بلاد وادي الرافدين ،ثم الدولة الفرعونية في بلاد وادي النيل ،ثم الإمبراطورية اليونانية في اليونان والمنطقة المحيطة بها، والإمبراطورية الرومانية التي شملت أوروبا وأجزاء من آسيا وشمال أفريقيا. ظهور الجيوش هيأت نوعاً من الامان إذ امتدت حمايتها حتى شملت بعض الطرق الخارجية.ظهور الأنظمة والقوانين التي تنظم شؤون البشر
ظهور بعض العلوم تطور نسبي في وسائط النقل باستخدام العربات والسفن الشراعية ظهور النقود التي سهلت مهمة التبادل التجاري ظهور المعاملات والتبادل التجاري نشأت الملكية الفردية ظهور الاديان والمعتقدات الدينية
السفر في العصور الوسطى
تبدا هذه المرحلة سقوط الامبراطور الروماني عام 395 حتى القرن الخامس عشر .وقد عرفنا من الصفحات السابقة ان الامبراطورية الرومانية هي اخر امبراطورية نشأت في العصور القديمة ، وقد كانت مركز الاشعاع الفكري والحضاري والتجاري ، وكان لها الفضل الاكبر على تطوير حركة الاسفار في العالم انذاك .الا ان الحال اختلف تماما في اوربا بعد سقوط الامبراطورية الرومانية، اذ اضمحلت هذه الدولة العظيمة وتحولت اوربا الى مجموعات متعددة من الاقطاعيات المتناحرة والمنغلقة على نفسها،
السفر في عصر النهضة
تبدأ هذه المرحلة بعد انتهاء عصر الاقطاع في اوربا في القرن الخامس عشر ونشوء الرأسمالية التجارية، واستمرت حتى قيام الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر.وقد سميت بعصر النهضة لأن العالم الأوربي شهد فيها نهضة في شتى المجالات العلمية والادبية والفنية، ولان اوربا استفاقت من سباتها الطويل في العصور الوسطـى وعاشت مرحلة تحقق فيها التطور .السفر في عصر الآلهة
ويسمى ايضا بـ (عصر سياحة الاغنياء او الطبقة الواحدة)، ويبدأ هذا العصر مع قيام الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، واستمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945سمات عصر الآلهة : ويمكن اجمالها بما يأتي :أ-قيام الثورة الصناعية، وقد ترتب على ذلك تطورا كبيرا في شتى المجالات والانشـطة المختلفة. ومنها انشطة اثرت بشكل مباشر او غير مباشر على حركة السفر والسياحة
ب-شهدت المرحلة تطورا كبيرا في وسائل النقل بفعل الثورة الصناعية، وشمل التطور بداية الامر النقل في السكك الحديدية ، وكان الهدف لمعظم شركات السكك في اوربا بدايـة الامر نقل السلع والمواد الخام، الا انه اتضح لهذه الشركات فيما بعد ان هذه الوسيـلة تعتبر وسيلة ممتازة في ذلك الوقت لنقل المسافرين، لسرعتها وراحتها ورخصها النسبي .
السفر في العصر الحديث
ويسمى ايضا بـ(عصر السياحة الجماعية)، ويبدأ هذا العصر مع انتـهاء الـحرب العالمية الثانية عام 1945 وحتى الوقت الحاضرسمات السفر في العصر الحديث: يمكن درجها كما يأتي :أ-تطور الحركة العمالية في العالم، فقد بدأت النظم السياسية والاجتماعية في العالم تتجـه إلى تحقيق الاستقرار
للطبقة العاملة ورد حقوقها المهضومة إليها، وتوفير أسباب العيـش الكريم لها. كما بدأت هذه الطبقة تنظم صفوفها وتكون فيما بينها نقبات واتحـادات للدفاع عن حقوقها سواء كان ذلك في الانظمة الاشتراكية ام الرأسماليـة ام الانظمـة المختلفة الأخرى. وظهرت العديد من التشريعات في هذا المجال وأهمـها التشـريعات الخاصة بالإجازات، فظهرت أنواع عديدة من الاجازات اهمها الاجـازات السـنوية المدفوعة بأجر تام بهدف توفير وقت الفراغ الكافي للطبقة العاملة لتتمكن من استثماره بأنشطة ترويحية منها السفر والسياحة التي تحقق الراحة والاستجمام للطبقة العاملة.
طالع ايضا تأثير المنتج السياحي علي اطالة مدة اقامة السائح
0 تعليقات